قصة البيمارستان - الجزء الاول
البيمارستان
كنت متأكداً ان حياتي بها شيء غريب ، لم اكن اعلم ان الامور ستتفاقم الى
هذا الحد ، كل شيئ اراه حقيقي رغم انه لا يصدقه عقل ، عندي كل الحق في المبالغه من
شدة ما رايت وما سمعت ، لم افكر ولو للحظه في حياتي ان هذا سيحدث لي ، حياتي كانت روتينية جدا
مثل اي شاب عنده سبعة عشر عامً ، دراستي
هي اهم شيئ في حياتي ، كنت دائما اتفوق على زملائي وأذهب الى المدرسة مبكراً رغم
بُعد البيت عنها ، والدي مات منذ سنتين في أسبابً غامضه ، كان دائما يقضي وقته في
العمل ويتشاجر كثيرا مع امي في امور لا افهمها ، كنت احبه كثيرا رغم الوقت القليل
جدا الذي كان يجلسه معي ، كان يعمل طبيباً جراحً وهذا ما كنت اريد ان اصبح عليه ، مات
ابي ولم اعلم كيف مات وامي الى الان لا تريد ان تخبرني كيف مات ، حينها جاء اتصال من
مجهول يخبرنا ان ابي قد مات ، ودفناه من دون ان اعرف اي شيئ عن سبب وفاته ، تشاجرت
مع امي كثيرا في هذا الامر رغم اني اعرف انها تعلم شيئ ولا تريد ان تخبرني ، انا
ابن وحيد واعيش مع امي ، امي كانت دائما تبكي كثيرا ، لا نتحدث كثيرا مع بعضنا ،
ولكن رغم كل هذا تأقلمت على هذا الحال ، انس هو الوحيد الذي يسمعني ويقدرني كثيرا
، انس هذا صديقي المقرب لي جدا ونحن في نفس المدرسه
وفي يوماً قمتُ من نومي فجأةً ، كان المكان يملئه الصمت الشديد ، امي ليست في
المنزل ، لم اسمع اي صوت لمدة خمسة دقائق ، نادية على امي ، فلم اسمع الرد ، الساعه
الان السادسة والنصف ، نزلت من سريري وانا احاول ان استعيد توازني ، بعد ان تأكدت ان
امي ليست في البيت بالورقه المعلقه على النافذة ومكتوباً عليها لقد غادرت مبكراً لان
رئيستي في العمل استدعتني لحاله خطيرة يجب ان اكون هناك في اسرع وقت ، وتركت لك
الطعام على الطاوله ، خذ معك المفاتيح تحسباً لو تأخرت في العمل ، لا اعلم سبب اهتمام امي لي اليوم ، رغم
انها لم تقول لي مرة وهي في البيت الغذاء جاهز تعالى وكل ، كانت تتركه لي على
الطاوله من دون كلام ، تركت هذه الافكار وتناولت الفطار ثم ذهبت لكي اجهز نفسي
للذهاب الى المدرسة ، اغلقت باب المنزل وركبت السيارة ولكن مهلا انا لا اسمع اي
ضوضاء من اي شيئ ، ثم سمعت صوت البحر وامواجه في رأسي رغم بُعد مدينتي عنه كثيرا ،
نسير في الطريق والعربات والناس يملئونه ولا اسمع اصوات السيارات او احاديث الناس
، وصلت الى المدرسة وانا كنت مستغرب جدا ، هل فقدت سمعي ، لا ، كيف ، ثم صفقت بيدي
والحمد لله سمعت صوت التصفيق ، رميت هذه الاوهام على الارض واتجهت الى باب المدرسه
، الباب كان مفتوحا ولكن لم يكن هناك احد من الطلاب يقف بجانبه او سيارات مركونة
حتى ، هل تأخرت يا ترى ، لا الوقت ما زال مبكراً ، ومن نظرة قبل ان ادخل الى المدرسه
لم اجد احدا في المدرسه
سألتُ نفسي بسرعه وانا واقف عند باب المدرسه ، هل اليوم
اجازة وانا لا اعرف ذلك ، ثم اخرجت هاتفي لكي اتأكد رغم اني متأكد ان اليوم هو
الثلاثاء ، رن الهاتف وكان المتصل انس صديقي ، اجبت عليه وقال لي بصوتاً عالي ، اين
انت يا كسول لماذا تأخرت ، بعد قليل سنذهب الى الفصول ، ذلك المعتوه يقول للطلاب
كلام سيئ عنك لانك لم تأتي ، انت تعلم انه
ينتظر منك غفوة لكي .... اوقفته بصوت عالي وقات له ما الذي تتحدث عنه انا اقف عند باب المدرسه
ولا اري احدا فيها ، انا الأن انظر في كل مكاناً فيها ولا اري اي مخلوق حي ، رغم اني
اسمع صوت الطلاب عنده في سماعة الهاتف ، قال لي اذا كنت عند البوابه تعال انا هنا
عند الشجرة الكبيرة ، دخلت المدرسة وذهبت الى الشجرة الكبيرة ولم ارى اي احد
رفعت الهاتف الى اذني مرة اخرى وقلت له بصوت يملئه الاندهاش والغرابه ، انا الان
اقف عند الشجرة الكبيرة ولا ارى احد ، رد علي وقال هل جئت حقاً يا صديقي ، قل لي
ليست هناك مشكله ابدا ان لم تأتي ، اوقفته عن الكلام وقلت اني جاداً الان في كلامي يا انس ،
انا اقف هنا لوحدي في المدرسة وتحت الشجرة الكبيرة ولا ارى اي كائن حي يتنفس غيري ،
سمعت ضحكاته وقال كيف يا هذا يا صاحبي ، حتى انني لا اسمع اصوات الناس عندك ، اذا كنت تقوم بعمل
مقلباً لي فأنا قد صدقتك ، هيا قل لي اين انت الان ، ثم وبحركه لا ارادية مني قمت
بعمل شير لموقعي وارسلته الى انس وقلت له اذا كنت لا تصدقني فشاهد الذي ارسلته لك ،
انتظرت رده دقيقه كامله ثم تكلم وقال لي بصوت به نبرة خوف ما هذا ، اين انت يا
صديقي ، لماذا انت في هذا المكان وكيف ذهبت الى هناك ولماذا لم تخبرني بهذا ... هل
تمزح معي .... ثم قُطع الخط .... وانا اعيد ما قاله في عقلي كثيرا ، ثم فتحت موقع الخرائط لانظر فأجد نفسي في مكاناُ اخر ، ما الذي اراه ، هذا ليس موقع مدرستي ، ثم
ابتعدت من منظور التكبير فرأيت نفسي في جزيرة صغيرة جدا في المحيط الهندي ........
شردت قليلا في التفكير ، لا استطيع ان استوعب هذا الامر ، ثم قمت بمراجعة
ما رايت لكي اتأكد من حدوث اي تلاعب بموقعي ببرامج تغير عنواني ولكن هذا موقعي حقا
، اتصلت بصديقي كثيرا ، جرس من دون رد ، في كل هذا الذهول لمحت شخص يأتي من خلف
الدكان الموجود داخل المدرسة ، فطمئن قلبي قليلا عندما ادركت من ملابسه انه عم
جميل البائع الذي يقف في الدكان ، فذهبت اليه مسرعا ، هو يعرفني جيدا ، وعندما
وقفت امامه ، صعقت من شدة ما رايت ، انا اعرف عم جميل جيدا ، عمره في الثلاثينات
ولكن عندما نظرة الى وجهه الان ، رجل كهل عجوز جدا ولكنه هو ، تكلمت بسرعه وانا
مرتبك وقولت له ، اين الناس ، انا لا ارى احدا في المدرسة ، هل اليوم اجازة ، ولماذا قد
كبرت في السن كثيرا هكذا ، لم اكن اعرف ما هو السؤال المضبوط الذي يجب علي ان
اسئله في هذا الوضع ، ولكنه كان صامت وعيناه كانت حزينه ولم يحرك ببنت شفه ، ثم
سئلته مرة اخرى اين الطلاب والاساتذة اليست هذه مدرسة .... قطعني و تحدث بصوت ضعيف
فاقتربت منه قليلا لكي افهم ما يقوله ، وقال هذه الجمله كيف ، مازال صغيرا
على هذا ، ثم سكت وذهب بخطوات بطيئه ، وانا واقفا في حاله كامله من الشرود ، تقريبا
وقف عقلي عن التفكير ، لا املك اي اجابه على كل ما اراه او اسمعه ، وقتها فكرت في ان اذهب
واخرج من المدرسة ولكني وجدت البوابه مقفوله ، وهنا كل شيئ قد اكتمل ، وعقلي يصور
لي احداثاً في انني قد اختطفت ، انطلقت الى السور أهرول ثم تسلقته ، فنظرة الى
الخارج فلم اجد شيئاً ابداً ، هذا لانني انظر الى البحر الذي يحيط المدرسه من كل جانب ...... اي ان كل ما سمعته من صديقي ورايته في موقع الخرائط كان حقيقياً وانني الان اقف على نقطة في المحيط الهندي .
ليست هناك تعليقات